الوصف
..هكذا بدأت تتآكل وتتراجع موارد وقوة القيادة الأمريكية للنظام العالمي في ذات الوقت الذي تنامت قدرات وتأثير المنافسين وقدرتهم على الفعل المؤثر والمضاد؛ ويحدث ذلك في الوقت الذي يواجه النظام العالمي وأدواته ومنظماته اختلال وظيفي تكرس مقومات التحلل والانهيار للنظام العالمي القائم وتراجع قدرته على الاستمرار.
ومن شأن ما تقدم أن يثير العديد من الأسئلة يأتي في مقدمتها ما هو دور عودة منافسة القوى العظمى في السياسات العالمية المستقبلية وماهي خرائط وأشكال الصراع الدولي في ظل زيادة التداخل ما بين المحلي والدولي؟
هذا ما تحاول صفحات هذا الكتاب أن تلامسه وتضع تصورات وإجابات غير نهائية بشأن واقع السياسة العالمية والأسئلة العديدة التي يثيرها.
وعلى هذا النحو قد انقسم على أربعة أقسام: ويتناول القسم الأول عودة المنافسة بين القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين وكيف إنها ساهمت بإعادة توجيه السياسات النووية للجبابرة الثلاثة بما جعل البيئة الاستراتيجية معقدة بشكل متزايد بعد أن دخل لاعبون إقليميون جدد وهم يبرزون اهتمامات تتعلق بالأسلحة النووية ويزعزعون الاستقرار في المناطق الإقليمية. ومع ذلك ورغم تعقيد البيئة الاستراتيجية النووية لا تزال الأسلحة النووية تمنع اشتعال الحروب التي طالما حدثت بين الجبابرة في القرون السابقة قبل وجود هذا النوع من السلاح المدمر الذي لا يبقي ولا يذر ولذلك سيكون حسم التنافس في القرن الحادي والعشرين عبر الحروب بالوكالة؛ ولكن التحول بدأ يصيب الحروب نفسها فقد غدت الحروب في القرن الحادي والعشرين في معظمها داخل الدول وليس بين الدول؛ وهي حروب أهدافها وأطرافها غير واضحة ويتداخل فيها المتحاربون لدرجة إن معظمها يشترك فيها مدنيون ومرتزقة وجماعات مسلحة وميليشيات، وهي فوق ذلك حروب لا تخضع لتوازنات القوة، واكثر من ذلك حروب تستمر من دون نهايات واضحة وبدون منتصرين واضحين.
وقد بدد القسم الثاني أطروحة تحول النظام الدولي إلى التعددية القطبية على خلفية عودة منافسة القوى العظمى وحلل واقع السياسة العالمية الذي يظهر إن صراع القوة بين الدول العظمى ليس هو الفاعل الحاسم في تحديد مسارات مستقبل السياسة العالمية والنظام العالمي؛ بل إن هذا المستقبل ستحدد بالديناميات التفكيكية التي تشهدها الأمم والمجتمعات والدول المختلفة.
فيما ناقش القسم الثالث التوجهات الصينية ورغبتها ليس فقط إلى تغيير النظام الدولي والحلول مكان الولايات المتحدة على قمة النظام الدولي وإنما إلى صنع نظام دولي بديل للنظام الغربي يعيد خصائص نظام ما تحت السماء الصيني الذي كان قائما ومستمرا لمعظم التاريخ.
وتابع القسم الرابع التأكيد على التناقض القائم بين الجبابرة الثلاثة؛ ورغم إن اثنين منهما وهما الصين وروسيا تتشاركان برغبة الإطاحة بقيادة الولايات المتحدة للنظام الدولي إلا انهما لا تتحالفان عسكريا؛ وهو أمر يناقض مفهوم توازن القوى. كما انه يبرز وجود عدم توافق في المصالح والأهداف الكلية لروسيا والصين.